responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 27
وَالْمَعْنَى: تَصُدُّونَ عَنِ السَّبِيلِ الْمُسْتَقِيمِ وَتُرِيدُونَ السَّبِيلَ الْمُعْوَجَّ فَفِي ضَمِيرِ تَبْغُونَها اسْتِخْدَامٌ لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ الْمَصْدُودَ عَنْهَا هِيَ الْإِسْلَامُ، وَالسَّبِيلُ الَّتِي يُرِيدُونَهَا هِيَ
مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ بَعْدَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ شُهَداءُ حَالٌ أَيْضًا تُوَازِنُ الْحَالَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهَا وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا تَعْمَلُونَ وَمَعْنَاهُ وَأَنْتُمْ عَالِمُونَ أَنَّهَا سَبِيلُ اللَّهِ. وَقَدْ أَحَالَهُمْ فِي هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَا فِي ضَمَائِرِهِمْ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ وَخْزِ قُلُوبِهِمْ، وَانْثِنَائِهِمْ بِاللَّائِمَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وَهُوَ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ وَتَذْكِيرٌ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورَ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي مَوْعِظَتِهِمُ السَّابِقَةِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا تَعْمَلُونَ إِلَّا أَنَّ هَذَا أَغْلَظُ فِي التَّوْبِيخِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ اعْتِقَادِ غَفْلَتِهِ سُبْحَانَهُ، لِأَنَّ حَالَهُمْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ حَالِ مَنْ يعْتَقد ذَلِك.
[100، 101]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 100 إِلَى 101]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)
إِقْبَالٌ عَلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ لِتَحْذِيرِهِمْ مِنْ كَيْدِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسُوءِ دُعَائِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ خَاطَبَهُمْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ خِلَافَ خِطَابِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ إِذْ قَالَ:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ [آل عمرَان: 98] وَلَمْ يَقُلْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.
وَالْفَرِيقُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَأَشَارَ بِهِ هُنَا إِلَى فَرِيقٍ مِنَ الْيَهُودِ وَهُمْ شَاسُ بْنُ قَيْسٍ وَأَصْحَابُهُ، أَوْ أَرَادَ شَاسًا وَحْدَهُ، وَجَعَلَهُ فَرِيقًا كَمَا جَعَلَ أَبَا سُفْيَانَ نَاسًا فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ» وَسِيَاقُ الْآيَةِ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهَا جَرَتْ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست